الصفحة الرئيسية  قضايا و حوادث

قضايا و حوادث تونس: هذا عدد القضايا المتعلّقة بجرائم "الزواج على خلاف الصيغ القانونية"، وعقوبات حاسمة بالسجن والإبطال وعدم التخفيف للمتورّطين

نشر في  04 جوان 2022  (16:24)

رغم انّ التشريع التونسي وخاصة منه مجلة الاحوال الشخصية الصادرة في 13 اوت 1956 كان حاسما في عدد من القضايا المتعلّقة بالمسّ من مكاسب المرأة التونسية حيث أورد مجموعة من العقوبات المدنية والجزائية في الغرض، ورغم زخم الترسانة القانونية الهادفة لمزيد تدعيم حقوق النساء التونسيات وتعالي الأصوات الحقوقية المنادية بمزيد ارساء تشريعات جديدة تضمن الحرية والمساواة الفعلية الكاملة بين المرأة والرجل وتمنع كل أشكال التمييز بينهما...

إلّا انّ ذلك لم يمنع من ظهور بعض الممارسات المارقة عن القانون التي طفا في الآونة الاخيرة الحديث عنها من جديد ما خلّف جدلا اعتبره البعض مفروغا منه على اعتبار حسمه منذ قديم الزمان في تونس، فيما اعتبرته أطراف اخرى جدلا صحيا على اعتبار ما بلوره من وجهات نظر كانت مناصرة لقضايا المرأة التونسية ومكتسباتها...

ومن بين هذه الممارسات الشاذة والمارقة عن القانون هو ما يعرف بمسألة او قضايا "الزواج على خلاف الصيغ القانونية" وفق ما يصطلح عليه قانونا وقد تعددت تسمياته وأشكاله من زواج عرفي وزواج فاسد ومتعدّد، حيث ظهرت العديد من التقارير الإعلامية التي تتحدّث عن هذه المسألة التي حجّرها القانون وجرّمها منذ سنة 1957.

في هذا الإطار تحصّل موقع أخبار الجمهورية على معطيات رسمية تتعلّق بعدد القضايا المفصول فيها في جرائم التزوّج على خلاف الصيغ القانونية في السنوات القضائية الاخيرة، حيث بلغ عدد القضايا المنظور فيها في ما يعرف بجرائم التزوّج على خلاف الصيغ القانونية 287 قضية في سنة 2020/2019 وهو عدد قد شهد انخفاضا مقارنة بعدد القضايا المفصول فيها بالسنتين القضائيتين 2017 الى 2019 حيث بلغ الرقم 755 قضية (2017-2018: 386 قضية/ 2018-2019: 369 قضية)...

أمّا في السنوات القضائية المتراوحة بين 2015 و2017 فقد أكدت لنا مصادرنا انّ القضايا المذكورة قد وصلت الى حدود 676 قضية (2015-2016: 325 قضية/2016-2017: 351 قضية).

وهنا تجدر الإشارة بدءً إلى انّ القانون التونسي المقرّ عام 1957 جرّم ما يعرف بتعدّد الزوجات وأورد عقوبات جزائية للمخالفين لهذا القانون... فضلا عن عقوبات اخرى تتعلق بخرق الاحكام الخاصة الواردة بالفصل 31 من قانون الحالة المدنية من بينها السجن وإبطال "الزواج" وفقا لما اقره منطوق الفصل 36 من ذات القانون لعدم احترام الصيغ الشكلية في عقد الزواج، حيث رتّب المشرع في هذا الفصل تتبعات جزائية تجاه الزوجين حتى يضع حدا لظاهرة الزواج العرفي واذا ما وقع التتبع يقع البت بحكم واحد في الجريمة ويتم ابطال الزواج...

 وينصّ الفصل 31 من قانون الحالة المدنية على أن يبرم عقد الزواج في تونس أمام عدلين أو أمام ضابط الحالة المدنية بمحضر شاهدين من أهل الثقة وهو ما يجعل من هذا الزواج المسمى بـ"العرفي" باطلًا ومجرّمًا في آن واحد. 

  هذا فضلا عن ما جاء في مقتضيات الفصل 18 من مجلة الأحوال الشخصية في ذات الإطار، حيث جاء فيه أولا أنّ تعدّد الزوجات ممنوع وكلّ من تزوّج وهو في حالة الزوجية وقبل فكّ عصمة الزواج السابق يعاقب بالسجن لمدّة عام وبخطية قدرها مائتان وأربعون ألف فرنك أو بإحدى العقوبتين، ولو أنّ الزواج الجديد لم يبرم طبق أحكام القانون.

كما يعاقب بنفس العقوبات كلّ من كان متزوّجا على خلاف الصيغ الواردة بالقانون عدد3 لسنة 1957 المذكور والمؤرّخ في أول أوت 1957 والمتعلق بتنظيم الحالة المدنية، ويبرم عقد زواج ثان ويستمر على معاشرة زوجه الأولى.

هذا ويعاقب بنفس العقوبات الزوج الذي يتعمّد إبرام عقد زواج مع شخص مستهدف للعقوبات المقرّرة بالفقرتين السابقتين، ولا ينطبق الفصل 53 من القانون الجنائي على الجرائم المقرّرة بهذا الفصل والمتعلّق بظروف التخفيف.

وللتذكير فقد كانت وزارة المرأة والأسرة والطفولة والمسنين على الخط في احد بياناتها التي أكدت فيها بأنّ "الزواج على خلاف الصيغ القانونية أو ما يعرف بالزواج العرفي يمثّل جريمة يدينها القانون، وأحد أوجه الإساءة لمكاسب المرأة التونسيّة وشكلا من أشكال الانتهاك الصارخ لمدنيّة الدولة ووجها من وجوه الاتّجار بالبشر والتهديد لحقوق النساء".

كما أعلنت اعتزامها تنظيم ندوة وطنيّة جامعة، في إطار مقاربتها التشاركيّة قبل موفى السنة الجارية، لتعميق النقاش بين كلّ الهياكل والجهات المعنيّة حول القضايا المتّصلة بالتعاطي الإعلامي مع قضايا المرأة والطفل واقتراح الحلول لأبرز التحدّيات القائمة، إيمانا بالدور التاريخي للنخب الفكرية والفنية والعلمية التونسية التي لطالما تبنّت النموذج المجتمعي المستنير، الذي انطلق مساره بتونس منذ القرن التاسع عشر.

 

منارة تليجاني